أسباب استمرار الإدمان

استمرار الادمان

السمة الرئيسية لإدمان القمار هي أن الفرد الذي يعاني منه يستمر في ممارسة القمار على الرغم من العواقب الضارة الناتجة عنه. يرى المنظور الاقتصادي السلوكي الإدمان نتيجة الوقوع ضحية لفشل القرار المتخذ الذي يؤدي في نهاية الامر إلى تفضيل السلوك الإدماني على السلوك الصحي. هنالك بعض الطرق التي من شـأنها اضعاف عملية اتخاذ القرارات المرضية التي تخص الإدمان. العمليات غير الصحيحة لاتخاذ القرارات هذه أيضًا من شأنها ان تظهر فيما إذا كان الأفراد يمتلكون القدرة على تحسين خياراتهم المستقبلية.

1. الحصانة الجينية.
لماذا يبدأ ويستمر الإدمان لدى فئة من الناس فقط؟ اثبتت الدراسات بأن هناك أدلة قوية على الاستعداد الجيني لتطوير الإدمان. على سبيل المثال، تشير دراسات التوائم والأطفال المتبنين الى ان نصف نسبة العرضة لمشاكل الإدمان تعود بالأساس لأسباب وراثية. من الممكن أيضًا أن الإفراط في ممارسة المقامرة يسبب تغيرات هائلة في الدماغ.

2. المداواة الذاتية.
عندما تكون المعاناة العاطفية ناتجة عن الظروف البيئية، فإن “التقويم” السريع يوفر الرضا الفوري والهروب من المشاعر السلبية. على سبيل المثال، ان نشوة المقامرة تؤدي للاسترخاء ونسيان الهموم لوهلة من الزمن. لكن لسوء الحظ، مع مرور الوقت، يتكيف دماغ المدمن مع الممارسة المستمرة للقمار، مما يؤدي إلى القلق والثوران عند التوقف. وبدلاً من ممارسة القمار للشعور بالمتعة، ينتهي الأمر بالمقامرة للشعور بالأمان والاتزان.

3. عدم وجود مكافآت بديلة.
علميًا فان الإدمان يضر في نظام المكافأة في الدماغ. وقد اثبتت الابحاث أنه إذا كنت تعيش في حي فقير محدود الفرص والخيارات، فانه من المنطقي ان مواصلة المقامرة سيمنحك المتعة باستمرار لعدم وجود بديل لذلك. هناك الآن بحث مكثف يوضح أن توفير المكافآت بديلة لأولئك الذين كانوا يفتقرون إليها سابقًا قد يحسن نتائج علاج الإدمان. أي أن الظروف البيئية يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًا في علاج إدمان القمار ومنع الانتكاسات.

4. ضعف البصيرة.
يرتبط ادمان القمار المزمن بضعف الوعي الذاتي، والذي يتمثل في إنكار شدة الإدمان والحاجة إلى العلاج. على سبيل المثال، فان عدد قليل فقط من مدمني القمار يعترفون بأن لديهم مشكلة في المقامرة. هذا أحد الأسباب التي تؤدي ببعض الناس للاستمرار في المقامرة حتى بعد إدراكهم أنه يدمر حياتهم. الادراك الذاتي هو نهج هام يعمل لتحسين الوعي والسيطرة.

5. علاقة الحب والكراهية في آن واحد.
تؤدي مشاكل القمار المزمنة إلى عدم التمييز بين قيمة النشوة المتوقعة من القمار والتمتع الفعلي به. بالنسبة للمدمنين، فإن الرغبة الشديدة أو الرغبة الملحة في المقامرة لا يصاحبها بالضرورة التمتع في ممارستها. أي أنه حتى بعد توقف المقامرة عن جلب المتعة يمكن للمدمن أن يشعر برغبة قوية في ممارستها. ان مدمني القمار يشتهون المقامرة حتى عندما لا تكون ممتعة.

6. التحيز والتحفيز
تحيز الاهتمام هو توجيه الانتباه وتزويد بيئة المقامرة بالمحفزات، الامر الذي يؤدي الى تعزيزها بدلًا من اضعافها وازالتها. هذا من شأنه ان يزيد ويعزز رغبة مدمني القمار بممارسة المقامرة، لأنه بطبيعة الحال عندما يقوم الشخص بتحفيز بيئة المقامرة المتواجد بها بالمعززات، فانه يشغل نفسه بالأفكار المتعلقة بها بشكل اكبر كذلك.

7.  الفشل بالاستمرار.
مصطلح تأثير انتهاك الامتناع (AVE) للإشارة إلى المواقف التي يتساهل فيها المدمنون ويستجيبون إلى الرغبة الأولى عن طريق العودة لممارسة المقامرة المحظورة مما يؤدي لشعورهم بالهزيمة المطلقة. على سبيل المثال، ” سوف العب جولة واحدة فقط” وفجأة تتحول بسرعة إلى عدة جولات دون الشعور بذلك.  يحدث التحيز عندما يرى الفرد انتكاسة على أنه انحراف عن التزامه بالامتناع عن ممارسة المقامرة.

8. المبالغة في المكافأة الفورية.
الاندفاع هو الميل إلى البحث عن الإشباع الفوري على حساب المكاسب طويلة الأمد. بالنسبة للمدمن، قد يعكس قرار الاستمرار في المقامرة قد يعكس النظام الاندفاعي المسيطر على العملية التداولية. وبالتالي، فإن النشاطات الأكثر إلحاحًا في الوقت المناسب، مثل التفكير في ممارسة المقامرة الآن بدلاً من التفكير في العواقب المنتظرة- لديها قدرة أقوى على التأثير في اتخاذ القرار. علاوة على ذلك، تشير الأبحاث إلى أن ادمان القمار قد يضعف قدرة الدماغ في توليد الانعكاسات، والتي هي مسؤولة عن مجموعة واسعة من العمليات مثل التحكم في النفس، والكبح والانتباه المستمر والتخطيط.

9. الإجهاد.
هناك أدلة قوية على العلاقة بين الإجهاد المزمن والدافع لإدمان القمار. على سبيل المثال، تظهر الأبحاث في الدراسات البشرية أن تجارب الطفولة السلبية، مثل الاعتداء الجسدي والجنسي والإهمال والعنف المنزلي والمشاكل العائلية، ترتبط بزيادة خطر التعرض للإدمان. يرتبط التوتر العاطفي الشديد بفقدان السيطرة على الاندفاعات وعدم القدرة على تأجيل الإشباع. علاوة على ذلك، فإن الفقر أو قلة الفرص هو أمر مرهق بطبيعة الحال ويمكن أن يؤدي إلى ازمة عاطفية والادمان فيما بعد.

10. التحيز غير المتوقع
هذا النوع من التحيز يصف ميل الافراد في الحالة الطبيعية لإساءة تقدير سلوكهم وعدم التنبؤ بتصرفاتهم في حالة اختبارهم الرغبات الملحة للمقامرة. ينبع السلوك جزئيًا من ان الافراد لا يمكنهم تذكر شدة حدة رغباتهم في السابق. عدم النجاح في تذكر حدة الرغبة وتوقعها من شأنه ان يفسر مبالغة الناس في تقدير قدراتهم على مقاومة الرغبة الشديدة. إن التحدي الذي يواجه المدمن السابق هو الحفاظ على ذكريات “حية” عن عدم الرضا وقوة حدة الرغبة الشديدة في المقامرة.

باختصار: يرتبط إدمان القمار بعملية اتخاذ القرارات المغايرة التي بدورها تميل للمبالغة في تقدير المتعة الناتجة عن المقامرة، وللتقليل من حدة المخاطر والعواقب، وذلك يسبب الفشل في التعلم من الأخطاء المتكررة. وبالتالي، فانه من الأفضل النظر إلى الإدمان على أنه مرض مزمن، مثل أمراض القلب أو مرض السكري، وليس فشلًا أخلاقيًا، بحيث يحتاج معظم المدمنين إلى علاج طويل الأمد، ويجب توقع حدوث الانتكاسات أثناء فترة العلاج. لذلك، يعتبر الانتكاس مجرد حدث متوقع، وليس فشلًا في العلاج.